خمس رسائل إلى أمي

[size=24]







[color=green]صباحُ الخيرِ يا حلوه[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه[/color]


[color=green]مضى عامانِ يا أمّي[/color]


[color=green]على الولدِ الذي أبحر[/color]


[color=green]برحلتهِ الخرافيّه[/color]


[color=green]وخبّأَ في حقائبهِ[/color]


[color=green]صباحَ بلادهِ الأخضر[/color]


[color=green]وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر[/color]


[color=green]وخبّأ في ملابسهِ[/color]


[color=green]طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر[/color]


[color=green]وليلكةً دمشقية[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]أنا وحدي[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]دخانُ سجائري يضجر[/color]


[color=green]ومنّي مقعدي يضجر[/color]


[color=green]وأحزاني عصافيرٌ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]تفتّشُ –بعدُ- عن بيدر[/color]


[color=green]عرفتُ نساءَ أوروبا[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]عرفتُ عواطفَ الإسمنتِ والخشبِ[/color]


[color=green]عرفتُ حضارةَ التعبِ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العالمَ الأصفر[/color]


[color=green]ولم أعثر[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]على امرأةٍ تمشّطُ شعريَ الأشقر[/color]


[color=green]وتحملُ في حقيبتها[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]إليَّ عرائسَ السكّر[/color]


[color=green]وتكسوني إذا أعرى[/color]


[color=green]وتنشُلني إذا أعثَر[/color]


[color=green]أيا أمي[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]أيا أمي[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]أنا الولدُ الذي أبحر[/color]


[color=green]ولا زالت بخاطرهِ[/color]


[color=green]تعيشُ عروسةُ السكّر[/color]


[color=green]فكيفَ.. فكيفَ يا أمي[/color]


[color=green]غدوتُ أباً[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]ولم أكبر؟[/color]


[color=green]صباحُ الخيرِ من مدريدَ[/color]


[color=green]ما أخبارها الفلّة؟[/color]


[color=green]بها أوصيكِ يا أمّاهُ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]تلكَ الطفلةُ الطفله[/color]


[color=green]فقد كانت أحبَّ حبيبةٍ لأبي[/color][color=green].. [/color]


[color=green]يدلّلها كطفلتهِ[/color]


[color=green]ويدعوها إلى فنجانِ قهوتهِ[/color]


[color=green]ويسقيها[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]ويطعمها[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]ويغمرها برحمتهِ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green].. [/color][color=green]وماتَ أبي[/color]


[color=green]ولا زالت تعيشُ بحلمِ عودتهِ[/color]


[color=green]وتبحثُ عنهُ في أرجاءِ غرفتهِ[/color]


[color=green]وتسألُ عن عباءتهِ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]وتسألُ عن جريدتهِ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]وتسألُ –حينَ يأتي الصيفُ[/color][color=green]-
[/color]


[color=green]عن فيروزِ عينيه[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]لتنثرَ فوقَ كفّيهِ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]دنانيراً منَ الذهبِ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]سلاماتٌ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]سلاماتٌ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]إلى بيتٍ سقانا الحبَّ والرحمة[/color]


[color=green]إلى أزهاركِ البيضاءِ.. فرحةِ "ساحةِ النجمة[/color][color=green]" [/color]


[color=green]إلى تختي[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]إلى كتبي[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]إلى أطفالِ حارتنا[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]وحيطانٍ ملأناها[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]بفوضى من كتابتنا[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]إلى قططٍ كسولاتٍ[/color]


[color=green]تنامُ على مشارقنا[/color]


[color=green]وليلكةٍ معرشةٍ[/color]


[color=green]على شبّاكِ جارتنا[/color]


[color=green]مضى عامانِ.. يا أمي[/color]


[color=green]ووجهُ دمشقَ،[/color]


[color=green]عصفورٌ يخربشُ في جوانحنا[/color]


[color=green]يعضُّ على ستائرنا[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]وينقرنا[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]برفقٍ من أصابعنا[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]مضى عامانِ يا أمي[/color]


[color=green]وليلُ دمشقَ[/color]


[color=green]فلُّ دمشقَ[/color]


[color=green]دورُ دمشقَ[/color]


[color=green]تسكنُ في خواطرنا[/color]


[color=green]مآذنها.. تضيءُ على مراكبنا[/color]


[color=green]كأنَّ مآذنَ الأمويِّ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]قد زُرعت بداخلنا[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]كأنَّ مشاتلَ التفاحِ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]تعبقُ في ضمائرنا[/color]


[color=green]كأنَّ الضوءَ، والأحجارَ[/color]


[color=green]جاءت كلّها معنا[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]أتى أيلولُ يا أماهُ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]وجاء الحزنُ يحملُ لي هداياهُ[/color]


[color=green]ويتركُ عندَ نافذتي[/color]


[color=green]مدامعهُ وشكواهُ[/color]


[color=green]أتى أيلولُ.. أينَ دمشقُ؟[/color]


[color=green]أينَ أبي وعيناهُ[/color]


[color=green]وأينَ حريرُ نظرتهِ؟[/color]


[color=green]وأينَ عبيرُ قهوتهِ؟[/color]


[color=green]سقى الرحمنُ مثواهُ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]وأينَ رحابُ منزلنا الكبيرِ[/color][color=green].. [/color]


[color=green]وأين نُعماه؟[/color]


[color=green]وأينَ مدارجُ الشمشيرِ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]تضحكُ في زواياهُ[/color]


[color=green]وأينَ طفولتي فيهِ؟[/color]


[color=green]أجرجرُ ذيلَ قطّتهِ[/color]


[color=green]وآكلُ من عريشتهِ[/color]


[color=green]وأقطفُ من بنفشاهُ[/color]


[color=green]دمشقُ، دمشقُ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]يا شعراً[/color]


[color=green]على حدقاتِ أعيننا كتبناهُ[/color]


[color=green]ويا طفلاً جميلاً[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]من ضفائره صلبناهُ[/color]


[color=green]جثونا عند ركبتهِ[/color][color=green]..
[/color]


[color=green]وذبنا في محبّتهِ[/color]


[color=green]إلى أن في محبتنا قتلناهُ[/color][color=green]...[/color]








[/size]