الدولة : الجنس : الابراج : الأبراج الصينية : عدد المساهمات : 1630نقاط العضو : 5763تاريخ الميلاد : 22/10/1995تاريخ التسجيل : 12/04/2011العمر : 28 رئيس جمهورية المزاج : طنش تعش تنتعش
المهنة عارضة الطاقة: (0/0)
موضوع: انتصار روسيا الثالث او قصة تصفية السلاح الكيميائي الجمعة أكتوبر 14, 2011 12:29 pm
انتصار روسيا الثالث او قصة تصفية السلاح الكيميائي
نشرت صحيقة "روسيسكايا غازيتا" يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني مقالا تحت عنوان "انتصار روسيا الثالث" ورد فيه مايلي : تمت تصفية نسبة 45% من المواد القتالية السامة من مجموع 40 الف طن متوفرة في حوزتنا. ولم يصدق بذلك الا شخص واحد وهو الجنرال فاليري كاباشين. 90 سنة من نزع السلاح كان هناك اكثر من مبرر للتشكيك في امكانية تصفية السلاح الكيميائي حتى لدى المسؤولين المتفائلين، علما ان البشرية حاولت حظر هذا السلاح على مدى ما يقارب 100 سنة. وكان الاتحاد السوفيتي اول بلد قال "لا" للسلاح الكيميائي، حين اعلن في شهر ابريل/نيسان عام 1987 من جانب واحد التوقف عن صنع المواد القتالية السامة التي بلغ وزنها في الاتحاد زهاء 40 الف طن.
وقعت 130 دولة في باريس عام 1993 اتفاقية حظر ابتكار وانتاج وتكديس واستخدام السلاح الكيميائي وتصفيته. واصدرت حكومة روسيا الاتحادية في شهر مارس/آذار عام 1996 القرارالمرقم 305 الذي يقضي باعتماد البرنامج الحكومي " تصفية احتياطيات السلاح الكيميائي في روسيا الاتحادية". وقام مجلس الدوما الروسي في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1997 بابرام اتفاقية باريس. وتعهدت روسيا بذلك بان تخزن كافة احتياطياتها من السلاح الكيميائي في مواقع متفق عليها مسبقا وتنتهي من تصفيتها التامة بحلول عام 2007 . وبدا ان القرار قد اتخذ والموعد قد حدد، فحان الوقت لتطبيقه. لكن اتضح فيما بعد انه حتى البرنامج الحكومي الذي أخذت روسيا بموجبه على عاتقها تعهدات جدية امام المجتمع الدولي ما هو الا مجرد اعلان، ولم يكن بوسعه ان يطبق. وصار البرنامج يراوح في مكانه الامر الذي اثار قلقا بالغا لدى المنظمة الدولية المتخصصة في حظر السلاح الكيميائي التي تقوم بالرقابة الدقيقة على مدى الالتزام بشروط اتفاقية باريس. وبحلول عام 2001 تم تأسيس الادارة الفيدراليةالروسية الخاصة بالتخزين الآمن للسلاح الكيميائى وتصفيته. ويمكن اعتبار هذا العام بالذات نقطة الانعطاف من الاقوال الى الافعال.السيطرة على الانعطاف خلال السنولت الخمس عشرة الاخيرة قامت بلادنا بتفعيل برامج رئاسية وحكومية اتصفت بانها طموحة. ومما يجدر الذكر ان كل تلك البرامج كانت تتماشى مع مصالح البلاد الملحة. لكن لم نتمكن من انجاز حتى برنامج واحد بحجمه الكامل وان توفرت اموال لتنفيذه. ربما يعود سبب ذلك الى انعدام جهة رئيسية منفذة ومركز منسق يتحمل المسؤولية عن انجاز كل برنامج على حده. لذلك كان البرنامج الفيدرالي الخاص بتصفية المواد القتالية السامة المدعوم بالتزامات روسيا الدولية يراوح في مكانه الى ان ظهرت هيئة مسؤولة عنه. صدر في مطلع عام 2001 قانون ينص على ان المنفذ الرئيسي للبرنامج الفيدرالي هو الادارة الفيدرالية الخاصة بالتخزين الآمن للسلاح الكيميائى وتصفيته. وقامت هذه الادارة باستقطاب الكوادر والهيئات التي كانت سابقا تقوم باداء المهام في هذا المجال. فتم تحريك الموضوع والبدء في العمل. وشاركت الادارة في سن القوانين والقواعد التي تنظم عملية تخزين ونقل وتصفية السلاح الكيميائي. كما تمكنت من وضع تكنولوجيات جديدة خاصة بالاستفادة من عمليات اتلاف الذخائر المختلفة الانواع ابتداءا من ذخائر المدفعية والقنابل الجوية الثقيلة ورؤوس الصواريخ القتالية. وتم حساب كلفة الاعمال الحقيقية وابلاغ الحكومة عنها وتحديد مصادر التمويل بما فيها المصادر الاجنبية. واتضح من جراء ذلك ان تنفيذ الالتزامات التي اخذتها روسيا على عاتقها امر مستحيل. وقد تلقت الحكومة لاول مرة معلومات موضوعية فيما يتعلق بسير الاعمال الخاصة بتصفية المواد القتالية السامة. بالمناسبة فان الامريكيين صاروا هم ايضا يواجهون مشاكل من هذا النوع. لذلك شاطروا بلادنا في طلبها بتمديد موعد تصفية السلاح الكيميائي الى عام 2012. وقد تمكنت الادارة الفيدرالية من الحل السريع للمشاكل التنظيمية فتحولت الى جهاز يكون بوسعه تنفيذ اية مهمةمهما كانت صعبة. وتتضمن الادارة المركزية ثلاث شعب وبضعة اقسام ويبلغ عدد الموظفين العاملين فيها ما يقارب 200 شخص. اما تشكيلاتها المرابطة في ستة اقاليم من البلاد فيعمل فيها 10 آلاف فرد.جنرال ينخرط في معركة خطيرة وتولى الجنرال كاباشين دكتورالعلوم الفنية قيادة هذه المنظومة المعقدة المتفرعة. ويمكن القول اليوم ان هذا الخيار كان صائبا . وتمكنت روسيا من انجاز المراحل الثلاث للتصفية التامة للسلاح الكيميائي في اراضيها بفضل جهود بذلها هذا الجنرال والخبير. وقد منحت للجنرال كاباشين صلاحيات واسعة اقتضت ايجاد حلول ومواقف جديدة ، ليس في المجال التقني فقط . علما ان كل محافظ في كل مقاطعة روسية تخزن الترسانات الكيميائية في اراضيه اراد حل المشاكل الاجتماعية في مقاطعته على حساب البرنامج الفيدراليالخاص بتصفية السلاح الكيميائي ، ناهيك عن نواب البرلمان الذين تدخلوا في عملية تصفية السلاح الكيميائي. واضطر الجنرال الى الاستعانة بطرق دبلوماسية لايجاد حلول وسط وتسوية مشاكل بدا حلها مستحيلا من الوهلة الاولى. وحقق الجنرال انتصاره الاول حين انجز اول مشروع خاص باتلاف السلاح الكيميائي في بلدة غورني في مقاطعة ساراتوف. ويمكن مقارنة عملية انشاء المشروع بعملية حربية. وربما كان من المعقول ان ينتظر الجنرال وصول الذخائر وقدوم القوات والاحتياطيات وانشاء طرق متوازية واستقرار الطقس. لكن كل ذلك يعني ضياع الوقت، علما ان الخصم لا يقعد مكتوف اليدين. فانخرط الجنرال في المعركة كي لا يخسر هذه المعركة الاقليمية ، بل والبرنامج الفيدرالي كله، واصدر امرا بالبدء في انشاء المشروع الخاص بتصفية غاز الخردل ومادة لوزيت الكيميائية وخلائطهما المخزنة في الوحدة العسكرية رقم 1202 ببلدة غورني. وتم انجاز المشروع يوم 26 ابريل/نيسان عام 2003 اي قبل الموعد المحدد بثلاثة ايام. وقام المعمل بتصفية اولى 400 طن من المواد السامة، اي ما يعادل نسبة 1% من احتياطيات السلاح الكيميائي المتوفرة في روسيا. وكان ذلك انتصارا كبيرا. ان البداية الجيدة كما يقول الانجليز هي نصف النصر. ولم يصبح المشروع في بلدة غورني اول معمل من هذا النوع في اطار البرنامج الفيدرالي فحسب ، بل ووفر عملا يجلب مداخيل جيدة لاهالي البلدة. وقد انشئت في البلدة وحدات سكنية ومستوصف حديث ومدرسة للاطفال وروضة للاطفال بالاضافة الى حل مشاكل اجتماعية اخرى.
لكن المرحلة الاولى لا بد من ان تليها مرحلة ثانية تقضي بانشاء مشاريع جديدة متخصصة في تصفية السلاح الكيميائي . اما المشروع من هذا النوع فانه عبارة عن معمل كيميائي حقيقي تستخدم فيه تكنولوجيات خاصة. ولم تشهد روسيا سابقا إنشاء مثل هذه المعامل. وظهرانه ليس هناك خبراء بوسعهم انشاء هذه المعامل في الاقاليم، فقد صفيت ادارات التصميم والانشاء المشهورة سابقا. واضطر الجنرال كاباشين الى جمع وانتقاء ما تبقى من كوادر العمال والمهندسين ، والى مراقبة عمل المقاولين وعقد اتفاقيات معهم وفسخ تلك الاتفاقيات في حال الكشف عن تقصير في اداء الواجبات الموكلة اليهم. كانت المنظمة الدولية لحظر السلاح الكيميائي على علم بتلك المصاعب والمشاكل ولم تصدق ان روسيا ستستطيع الوفاء بالتزاماتها في الموعد المحدد. وقدم الجنرال كاباشين في ربيع عام 2007 تقريرا الى المنظمة الدولية حول تصفية روسيا لاسلحتها الكيميائية ، ولم يخف روجيليو بفيرتر مدير عام الامانة الفنية للمنظمة اعجابه بهذا العمل. وقد بدأت المرحلة الثالثة وهي اخطر واصعب المراحل حين باشرت روسيا بتصفية احتياطياتها الرئيسية من المواد الكيميائية المثيرة للاعصاب ، بما فيها الذخائر المزودة بمادة سامة قتالية من طراز " Vx " . وتبلغ الجرعة القاتلة للانسان من مادة سامة قتالية كهذه 0.4 ميليغرام ،او اي 2% من حجم قطرة في قطارة العين. ويكفي غرام واحد من هذه المادة لقتل 2500 شخص. اما القنبلة بوزن 500 كيلوغرام المزودة بمادة " Vx " فيكون بوسعها نظريا القضاء على زهاء مليار شخص. ويعني ذلك ان القوة القاتلة لمثل هذه القنبلة الكيميائية تزيد بمقدار الف مرة عن قدرة الحشوة النووية بالعيار نفسه. من المفهوم ان وقوع اي حادث ناجم عن انتشار مادة لوزيت والخردل قد يتسبب في عواقب خطيرة. لكن وقوع حادث بمادة كيميائية عصبية يمكن ان يؤدى الى عواقب اخطر من هيروشيما وتشيرنوبل معا. اما الخبير الكيميائي المحترف كاباشين الذي شهد جهنم تشيرنوبل وخدم في ميدان "نوكوس" السوفيتي للتجارب الكيميائية واطلع على مفعول السلاح الكيميائي فانه فهم جيدا مدى خطورة هذا السلاح. لذلك فانه كان يحضر شخصيا الى المشاريع ليقوم بتشغيل التكنولوجيات الخاصة بتصفية المواد القتالية السامة ويختبر ويفحص العدادات ويقوم بمعاينة الاجهزة والذخائر المراد تصفيتها ، او بالاحرى قام هو شخصيا واشخاص مرؤوسون له باداء مهمة قتالية في ظروف التماس المباشر مع اسلحة الدمار الشامل.وتم انجاز وتفعيل المشاريع الخاصة بتصفية السلاح الكيميائي في كل من ماراديكوفو وليونيدوفكا وشوتشيه حيث تمت تصفية نسبة 69% من المواد الكيميائية الفسفورية العضوية العصبية بصفتها اخطر المواد السامة في العالم. ويعد المشروع في بلدة شوتشيه من اضخم مشاريع القطاع الكيميائي في روسيا. وكان الامريكيون منذ فترة يساعدوننا بنشاط في انشاء هذا المشروع. لكنهم تخلوا عنه بمبرر عدم امكان انجازه في الموعد المحدد. لم يتمكن خبراء البنتاغون من انجاز المشروع. فالجنرال الروسي دكتور العلوم الفنية كاباشين استطاع انجازه وتفعيله في الموعد المحدد، ولان البنتاغون لا يخدم فيه جنرالات كهذا.
واصبحت المرحلة الثالثة صعبة التنفيذ والالتزام بالمواعيد علما ان الازمة الاقتصادية والمالية الدولية اثرت على نشاط الادارة الفيدرالية الخاصة بتصفية السلاح الكيميائي. فقد انخفض مستوى تمويل البرنامج. لكن رئيس الادارة استطاع ايجاد الاموال اللازمة وتوجيهها الى اتجاهات يمكن ان تجلب نتائج ملموسة. اذن فان انتصار بلادنا في المرحلة الثالثة للتصفية التامة للسلاح الكيميائي هو قبل كل شيء انتصار للجنرال كاباشين الذي يعد اليوم بطلا حقيقيا في روسيا ،ولو من دون نجمة ذهبية . الا انه يستحق بالفعل بان يكرم بهذا النوط.